تجاوزنا الحصار وأصبحنا أكثر قوة واستقلالاً من ذي قبل، لكننا لازلنا متمسكين بالحوار لحل الأزمة الخليجية

في مقابلة مع صحيفة دي برسه النمساوية، سفير قطر في فيينا يؤكد: تجاوزنا الحصار وأصبحنا أكثر قوة واستقلالاً من ذي قبل، لكننا لازلنا متمسكين بالحوار لحل الأزمة الخليجية

أكد سعادة السفير/ الشيخ علـي بن جاسم آل ثاني سفير دولة قطر لدى النمسا بان دولة قطر أثبتت قدرتها على مواجهة تداعيات الحصار المفروض عليها منذ أكثر من عام وباتت اليوم أكثر قوة ومناعة واستقلالية واعتماداً على الذات.
وقال سعادته في مقابلة أجرتها معه صحيفة " دي برسه  Die Presse " وهي من كبريات الصحف اليومية النمساوية أن تدشين ميناء حمد الذي يعد من أكبر الموانئ في الشرق الأوسط  شكّل عاملاً حاسمً في كسر الحصار  الجائر، كما تقوم قطر الآن باستيراد وتصدير البضائع والسلع بشكل مباشر بعد رفض ميناء جبل علي في الإمارات استقبال وتصدير البضائع الموجهة الى قطر، كما وفرت الدولة الاحتياجات الضرورية للمواطنين وعززت الاستثمار بمشاريع الأمن الغذائي وتحقيق الاكتفاء الذاتي والتوسع الفوري في صناعة منتجات الألبان والثروة الحيوانية وضمان استقرار الاقتصاد في مواجهة أي هزة.
وتناول سعادة السفير القطري في حديثه المحنة الإنسانية التي تعرض لها القطريون عند بدأ الحصار، وقال في هذا الصدد: لم يكن الحصار موجها ضد الحكومة فحسب، بل ضد الشعب وطالت تبعاته حتى الحيوانات.. وتم طرد أصحاب المزارع والجمال القطريين، الذين كانوا يملكون مزارع في السعودية، إلى جانب جمالهم. حيث اجبروا على السفر في حر الصيف الشديد وقطع مئات الأميال مشياً على الأقدام، مما ادى الى إلحاق أذى كبير بهم، إضافة الى نفوق العديد من الحيوانات.. وهذه الانتهاكات مثبتة بصور وفيديوهات تم تقديمها الى جهات دولية مختصة.
ومضى سعادة السفير القطري في فيينا يقول: هناك ترابط أسري كبير بين مواطني دول مجلس التعاون الخليجي.. ونتيجة للحصار وإغلاق الحدود تشتت العوائل وفصلت عن بعضها البعض وأصبحت عالقة على جانبي الحدود، وبات من غير الممكن إيصال المواد الغذائية او الادوية أو حليب الأطفال الى قطر.  لقد ظنت هذه الدول أن قطر ستنهار جراء هذا الحصار، لكن ذلك لم يحصل، بفعل حكمة قيادتها وتلاحم شعبها والمقيمين على أرضها، وبالتالي نستطيع القول وبفخر أن الحصار لم ينجح في تحقيق أهدافه حتى الآن، بل أتى بنتائج عكسية، فبدل أن يضعف الحصار الاقتصاد القطري، فقد أدى إلى تقويته ودفعه إلى الاعتماد أكثر على الذات وعلى التنويع والانفتاح أكثر على العالم،
ورغم الضرر البالغ الذي لحق بالمواطنين والمقيمين في قطر بسبب الحصار الظالم، وفيما إذا تحتفظ دولة قطر بحق الرد على دول الحصار، شدد السفير القطري على القول: نحن أكبر من ذلك ولن نتعامل بنفس هذه الطريقة الجائرة رغم الضرر الكبير الذي لحق بنا، بل سنواصل التمسك بالحوار باعتباره أفضل وسيلة لحل الخلافات.
ورداً على سؤال فيما إذا كانت هناك آفاق لإمكانية حل الازمة الخليجية، قال سعادة السفير علي آل ثاني: لايزال أمير الكويت يقوم بالوساطة، التي تقدرها دولة قطر كثيراً، حيث ذهب سمو الأمير تميم بنفسه إلى القمة الخليجية في الكويت في سبيل الوصول الى حل دبلوماسي.. وما زلنا منفتحين على الحوار.. لكن الطرف الآخر وللأسف لايزال يختلق الذرائع لرفض الجلوس الى طاولة الحوار والتفاوض.
وشدد السفير القطري على عمق الروابط التي تجمع بين مواطني مجلس التعاون الخليجي، وقال في هذا الخصوص: نحن أسرة واحدة داخل مجلس التعاون الخليجي ويتعين علينا أن نلتقي ونتحاور.. ولدى دول مجلس التعاون الخليجي جهاز يمكن الرجوع اليه إذا واجهت أي واحدة منها صعوبات مع عضو آخر. لكن البلدان الثلاثة لم تستفد من ذلك واتخذت مساراً آخر.
وحول دور مصر في الأزمة الخليجية، أوضح سعادة السفير القطري في فيينا أن الأزمة خليجية خليجية وبالتالي يجب ايجاد الحل داخل دول مجلس التعاون الخليجي وليس في مصر.
وفي معرض حديثه عن علاقات قطر مع الولايات المتحدة، أشار سعادته الى ان البلدين يرتبطان بعلاقات وثيقة منذ زمن طويل، فضلاً عن كون قطر تستضيف واحدة من أهم القواعد العسكرية للجيش الأمريكي في المنطقة.. وهذه القاعدة العسكرية تضطلع بدور رئيسي في مكافحة الارهاب.
أما فيما يخص علاقات قطر مع إيران، قال سعادة السفير القطري: علاقاتنا مع إيران يحكمها الرابط الجغرافي لكونها جارة لنا، لكن معدلات التبادل التجاري القطري الإيراني تظل الأقل داخل دول مجلس التعاون الخليجي.. بينما هناك أكثر من 800 شركة إيرانية الى جانب نحو نصف مليون إيراني يعملون في الإمارات.
ورداً على سؤال آخر يتعلق بالعلاقات القطرية التركية ومسألة الوجود العسكري التركي في قطر، أوضح سعادة السفير علي آل ثاني بأن البلدين يرتبطان باتفاقية ثنائية منذ 2014. وليس لهذا الأمر علاقة بالحصار. ونحن نحترم هذه الاتفاقية وفقاً للالتزامات الدولية مثلما نحترم الاتفاقيات الثنائية التي تربطنا بدول أخرى، كما نحترم الاتفاقيات بين دول مجلس التعاون الخليجي وباقي دول العالم، وسياستنا قائمة على عدم التدخل في شؤون الآخرين.
هذا وفند سعادة السفير /الشيخ علي آل ثاني مزاعم دول الحصار واتهامها لقطر بدعم الارهاب، وقال في هذا الصدد: لم تتلق قطر من دول الحصار ولغاية الآن أية أدلة موثوقة تثبت مثل هذه الاتهامات الباطلة.. ولو توفر لديهم دليل واحد على مزاعمهم لوقفت جميع الدول ضدنا.. لقد تم اختلاق هذه الاتهامات لصرف الانظار عن مشاكل واتصالات هذه الدول.. ونقول لهم أن من يجلس في بيت زجاجي، لا ينبغي عليه أن يرمي الآخرين بالحجارة..  
وشدد سعادته قائلاً: قطر تحارب الإرهاب وهي جزء من التحالف الدولي ضد داعش..  والنصرة ليست في قطر، ولكن في سوريا.. وان وصف مجموعة ما بأنها منظمة إرهابية أم لا يخضع لمعايير أعدتها الأمم المتحدة.. ودولة قطر حريصة على احترام وتطبيق هذه المعايير.
وفي معرض إجابته على سؤال يتصل بعلاقة دولة قطر مع حركة حماس، اوضح سعادة السفير أن قطر تؤيد جمع أطراف النزاع بغية الجلوس على طاولة المفاوضات.. لقد حاولنا دائما التوسط بين حماس وفتح، مثلما تتوسط مصر أيضاً بين الجانبين. كما توسطنا في حالات أخرى مثل لبنان.. وأن الغرض من توجيه هذه الاتهامات لنا مرده قيامنا بالاستثمار في قطاع غزة.. نحن نقوم هناك ببناء المستشفيات والمدارس والطرق، وتأمين إمدادات مياه الشرب.. مؤكداً أن قطر لم تدفع الاموال من أجل شراء الأسلحة.
وتابع سعادة السفير القطري حديثه متناولاً مساعي دولة قطر لحماية حدودها وأمن مواطنيها، وقال إن سعي قطر لتعزيز قدراتها العسكرية والدفاعية بالذات، لا يختلف عما تقوم به دول أخرى في العالم.. فنحن نشتري السلاح من أجل توفير الحماية اللازمة لمواطنينا والمقيمين على أرضنا وحدودنا في حالات الطوارئ.
واشار سعادته الى أن الحكومة القطرية اتخذت قراراً بتحديث القوات والدفاعات الجوية وبما يتلاءم مع التطور الجاري في العالم، ورغم ذلك إلا أن حجم انفاقنا على التسلح يظل ليس كبيراً وفقاً للنسبة المئوية، بينما تأتي المملكة العربية السعودية حاليا في المرتبة الثانية عالميا في شراء الأسلحة.
واستعرض سعادة سفير قطر في فيينا استعدادات البلاد لاستضافة كأس العالم لعام 2022، وقال في هذا الصدد: نحن نسير وفق الخطة المرسومة فيما يتعلق بالتوقيت الزمني وأعمال البناء، وان البنية التحتية في قطر ستظل مستدامة وسيستمر استخدامها بعد عام 2022.
وتابع سعادة السفير حديثه قائلاً: إن دولة قطر تحترم أولاً متطلبات الاتحاد الدولي لكرة القدم FIFA وثانيا الأعراف الدبلوماسية، فهي حتى الآن، لم ترد على سياسة الحصار المطبقة ضدها وأعتقد أن هذا الأمر ينطبق على جميع المستويات. وأوكد هنا بان دولة قطر ترحب بكافة ضيوفها لمونديال قطر 2022 وبدون أي استثناء وستسهل لهم الوصول الى البلاد، وسنكون سعيدين جدا لتقديم كافة الخدمات لضيوفنا وبما ينجح هذه البطولة العالمية.
هذا وأعرب سعادة السفير/ الشيخ علـي بن جاسم آل ثاني سفير دولة قطر لدى النمسا في ختام مقابلته مع صحيفة " دي برسه " النمساوية عن شكر وامتنان دولة قطر لما تقوم به الشركات النمساوية الكبرى من دور هام في الاسهام بنهضة وتطور قطر وبينها بناء المنشآت الرياضية والصحية والطرق وغيرها.